الغموض القانوني حول ترخيص الفوركس - المحامي علي العريان






رغم تملك وإدارة العديد من الشركات في دولة الكويت لمنصات تداول مشتقات العملات التقليدية والافتراضية، إلا أن مدى قانونية ذلك والجهة المختصة بالترخيص لهذه الشركات بمزاولة هذا النشاط لا زالت مسائل يحفها الكثير من الغموض من الناحية القانونية، وحتى لو راجعت الجهات الرسمية والرقابية فلن تجد إجابة قاطعة وواضحة لذلك.

ذهبت بعض الآراء الرسمية قبل عدة سنوات إلى القول بعدم اختصاص هيئة أسواق المال بالترخيص والرقابة على منصات تداول العملات بمختلف أنواعها، وبحكم هذه المنصات منصات تداول المشتقات والخيارات المتعلقة بتلك العملات أو ما يعرف بعقود الفروقات CFDs، و يتمسك أصحاب هذا الرأي بتعريف (الورقة المالية) الوارد في القانون رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته ولائحته التنفيذية، حيث أنه لا ينطبق بتاتا لا على العملات التقليدية ولا العملات الافتراضية، كما لا ينطبق على مشتقات تلك العملات، ونحن نعتقد بأن هذا الرأي القانوني الذي تبنته في فترة من الفترات بعض الجهات الرقابية في الدولة هو رأي سديد وموافق لصحيح القانون.

إلا أننا فوجئنا بقيام هيئة أسواق المال بنشر قرار مجلس التأديب في المخالفة المقيدة برقم (67/2018 مجلس تأديب) بتغريم إحدى الشركات المحلية لاستعمالها شعار هيئة أسواق المال في إعلاناتها الترويجية لمنصة الفوركس والعملات الافتراضية المملوكة لها، ولادعائها بأنها وسيط تداول مرخص من هيئة أسواق المال، بما يوحي للمتابع بأن الهيئة مختصة بالرقابة على هذا النوع من المنصات وبأنها تخضع لقانونها، بما ينحسر معه اختصاص وزارة التجارة والصناعة، وإلا فلماذا تبسط رقابتها على الشركات التي تزاول هذا النشاط إن لم تكن مختصة بها، وإن كانت مختصة بها فلماذا تعاقب الشركات على الادعاء بأنها تعمل تحت مظلة الهيئة الرقابية ووفقا لقانونها، ثمة تناقض في ذلك.

ما يزيد الأمور غموضا هو أن أن العديد من الشركات الأخرى التي توفر منصات مماثلة في السوق المحلي تعمل تحت مظلة الهيئة وبترخيص وسيط أوراق مالية غير مسجل في بورصة الأوراق المالية، وبالرجوع إلى اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 لا يمكننا أن نجد تعريفا واضحا لنشاط (وسيط أوراق مالية غير مسجل في بورصة الأوراق المالية)، وبطبيعة الحال لا يمكن القول بأن ذلك ينطبق على منصات تداول العملات لأنها – وكما ذكرنا آنفا – لا ينطبق عليها قانونا مسمى (الورقة المالية).

ويزيد الأمور تعقيدا، أن بعض منصات مشتقات العملات لا تقتصر على العملات فقط وإنما تتيح التداول على أوراق مالية وأصول أخرى تخضع لرقابة الهيئة، مثل مشتقات الأسهم والمؤشرات، فيتضخم السؤال القانوني هاهنا حول الجهة الرقابية المختصة بالرقابة على هذه المنصات.

وحيث أن هذه المنصات لا تتيح التداول على مشتقات العملات التقليدية فحسب بل إن بعضها أخذ يوفر التداول على مشتقات العملات الرقمية أو الافتراضية أو المشفرة، فلا بد من التساؤل حول مدى تأثير ذلك على تحديد الجهة الرقابية المختصة، إن الموقف القانوني إزاء هذه العملات مثل البتكوين والبتكوين كاش والريبل لا يزال ملتبسا من حيث المبدأ، سواء موقف الجهات الرقابية وكذلك موقف النيابة العامة الموقرة، مع ملاحظة الغياب التام لوجود سوابق قضائية محلية في هذا الشأن، ولكن هيئة أسواق المال قد أصدرت بتاريخ 23 يوليو 2018 إعلانا بشأن الاستثمار في العملات الرقمية والإصدارات الأولية للأصول الرقمية، وهو منشور على الموقع الرسمي للهيئة، ومما جاء في هذا الإعلان أن الإصدارات الأولية للعملات الرقمية والمشفرة لا تخضع لأي جهة تنظيمية أو رقابية تقوم بحماية المستثمر، وأن العملات الرقمية/المشفرة لا تحمل أي صفة قانونية ولا تصدرها أو تدعمها أي حكومة وهي غير مرتبطة بأي أصل أو جهة إصدار، كما ذكر الإعلان أنه لن يتمكن المستثمرون والمتعاملون في العملات الرقمية/المشفرة من اللجوء للجهات والهيئات الرقابية من أجل حمايتهم وتنظيم تعاملاتهم في هذا المجال، وذلك كونها تقع خارج نطاق رقابتهم وتنظيمهم في الوقت الحالي.

ويثور التساؤل هاهنا حول سبب إصدار الهيئة لهذا الإعلان إن لم تكن الهيئة مختصة بالرقابة على العملات الرقمية أو المشفرة، أليس هذا هو دور وزارة التجارة والصناعة باعتبارها صاحبة الاختصاص العام في الرقابة على كافة التجار والأعمال التجارية.

إننا نعتقد – وفي ظل وجود العديد من الشركات المحلية التي توفر منصات تداول الفوركس والعملات الرقمية – أنه من الواجب على الحكومة والهيئات الحكومية أن تسارع إلى وضع تنظيم قانوني لهذه المنصات، وأن تقطع الشك باليقين فيما يتعلق بالجهة المختصة بترخيصها والرقابة عليها ورصد مخالفاتها وحماية المتعاملين معها.

كما نعتقد بأن – وطالما لم يكن هنالك نص تشريعي أو لائحي يتصدى لذلك – الأصل في هذه الأنشطة هو الإباحة، وأن الجهة الرقابية المختصة بالترخيص لها ومراقبتها في الوقت الحاضر هي وزارة التجارة والصناعة، لا هيئة أسواق المال ولا بنك الكويت المركزي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكم التصوير في القانون الكويتي – بقلم علي العريان

هل يجوز الحجز على بيتك؟

العواقب القانونية للإلحاد والردة .. بقلم المحامي علي العريان