التمييز على أساس الجنس في القوانين الكويتية - المحامي/ علي العريان


 

في هذا التقرير سأشير إلى بعض القواعد والنصوص القانونية في الكويت والتي يتغير فيها الحكم القانوني للفرد باختلاف جنسه، وسأتتبع بعض التشريعات والقوانين الرئيسية دون أن أدعي أنني استقرأت كافة قواعد القانون الكويتية استقراء تاما، إن فكرة هذا التقرير أن يشكل بذرة لتشخيص مواطن التمييز على أساس الجنس في القوانين الكويتية، وفكرة كتابته نبعت من انتقاد مسبق وجهته لبعض المطالبات النسوية التي طالبت بتعديل المادة (153) من قانون الجزاء، حيث يغلب على مثل تلك المطالبات في الكويت أن تكون ردود أفعال مجتزأة، تنطلق من بعض مفكري السفارات، بباعث الظهور والوجاهة الاجتماعية، دون أن يكون هنالك حراك نسوي حقيقي منهجي ومنظم وقائم على رؤية أيدولوجية ولديه خطة واستراتيجية ودراسات متكاملة وتحديد للأولويات والأدوات وينافح عن قضيته بإيمان واستدامة وشراسة، خصوصا وأننا نتحدث عن قضية واسعة ليس الجانب التشريعي القانوني إلا أحد جوانبها وتحدياتها، وفي التقرير التالي لن أتناول القواعد القانونية بالتقييم غالبا وسأحاول تجنب ذلك ما أمكن، حيث سأتركها كبذرة لدراسة نسوية مسحية استقرائية شاملة للقواعد القانونية في دولة الكويت، والتي هي شبيهة إلى حد كبير بقوانين سائر الدول العربية الأخرى.

يمكننا أن نلاحظ بأن الفكرة السائدة وراء أغلب التشريعات الكويتية أنها تنطلق من فكر ذكوري يؤمن بأولوية الذكر وسموه وأن له القيادة والقوامة، كما يمكننا أن نلاحظ بوضوح أن المشرع الكويتي تبنى الرؤية الدينية والعرفية بشأن الهوية الجنسية والتوجه الجنسي، فهو لا يعترف إلا بثنائية الذكر والأنثى، كما أنه لا يعترف إلا بالتوجه المغاير، ولا يقرر أية حقوق لذوي الهويات والتوجهات الجنسية الأخرى، كما نلاحظ أيضا أن الفكر الذكوري التشريعي الكويتي يرتكز على مصدرين هما الدين والأعراف والثقافة المجتمعية، وهو حين ينعكس ويترجم في القواعد القانونية ينتج عنه تمييز في الاتجاهين، تارة ضد الرجل وأخرى ضد المرأة، فالرجل أيضا متضرر من هذه الفلسفة التشريعية، علاوة على ذلك فهنالك تمييز ضد مثليي الجنس والعابرين يرقى إلى تجريم أفعالهم ويهدف إلى استئصالهم من المجتمع.

إن وضع منهجية شاملة لدراسة مواضع الخلل في القوانين والتشريعات الكويتية يستلزم دراسة مسحية وتقييمية لكافة التشريعات والأعراف المستقرة والقرارات التنظيمية واللوائح الإدارية والأحكام القضائية وذلك من زاوية التمييز على أساس الجنس والتوجه الجنسي، ومن بعد ذلك تحديد الأولويات انطلاقا من قياس مدى فداحة الضرر الذي تحدثه القاعدة القانونية على أرض الواقع وانتشار تطبيقها، وإمكانية تغييرها، كما أن من اللازم أن لا نغفل دراسة وتقييم الأدوات الممكن تسخيرها للقيام بعملية إصلاح تشريعي وقانوني شامل.

فيما يلي سنشير إلى بعض القواعد القانونية التي تتضمن تمييزا على أساس الجنس، حيث سنتناول كلا من دستور الكويت وقانون توارث الإمارة وقانون الانتخاب، وقانون الأحوال الشخصية، والقانون المدني، وقانون الجزاء، وقانون الإجراءات الجزائية، وقانون العمل في القطاع الأهلي، وقانون الخدمة المدنية، وقانون الجنسية، وقانون الخدمة الوطنية العسكرية، وقانون رجال الإطفاء، وقانون التعبئة العامة، وقانون نظام قوة الشرطة، وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وقانون جوازات السفر، وبعض القرارات الإدارية التنظيمية، ثم سنشير أخيرا إلى بعض أحكام المحاكم ذات الصلة بهذا الشأن.

 

أولا: دستور الكويت وقانون توارث الإمارة وقانون الانتخاب:

أ‌-    تقرير مبدأ المساواة في الدستور:

قرر دستور الكويت في المادة (29) مبدأ المساواة على أساس الجنس، فنص على أن:

«الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».

وبالتالي فإن أي قانون أو قرار يخل بالمساواة على أساس الجنس دون مسوغ مقبول، يعد متعارضا مع الدستور، ولما كان الدستور هو القانون الأسمى، فإن من المفترض أن يكون مصير مثل تلك القوانين والقرارات – إن هي عرضت على المحكمة الدستورية – هو الإبطال.

ب‌-  تولي المرأة منصب الإمارة وولاية العهد:

يثور خلاف فقهي بين الخبراء الدستوريين حول المادة (4) من الدستور والتي تنظم مسألة الحكم وتولي منصب ولاية العهد، حيث تنص على أن:

«الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح .. ويشترط في ولي العهد أن يكون رشيدا عاقلا وابنا شرعيا لأبوين مسلمين»

وكذلك المادة (6) من قانون توارث الإمارة ذي الطبيعة الدستورية والتي تنص على ما يلي:

«.. ويشترط في ولي العهد أن يكون رشيدا عاقلا مسلما وابنا شرعيا لأبوين مسلمين، وأن لا تقل سنه يوم مبايعته عن ثلاثين سنة ميلادية كاملة».

والسؤال الذي يطرح هو أنه هل من الجائز للمرأة من ذرية مبارك الصباح إذا استوفت سائر الشروط الأخرى أن تتولى منصب ولاية العهد والإمارة، علما بأنه يشترط في الأمير ما يشترط في ولي العهد من شروط، ويمكننا أن نجد رأيين في هذه المسألة، الأول يرى عدم جواز تولي النساء لهذا المنصب ويستدل بسياق ودلالة النصوص السابقة إضافة إلى العرف الدستوري المستقر في الكويت حيث لم تتول امرأة الحكم قط على مدى تاريخ الكويت السياسي، ومن أنصار هذا الرأي الفقيه الدستوري أ.د.عثمان عبدالملك الصالح حيث يقول:

«وهذا الشرط مفهوم بداهة من سياق النصوص ومن العرف المستقر في هذا الخصوص، وعلى ذلك فإن تولي مسند الإمارة مقصور على الذكور دون الإناث من ذرية مبارك الصباح».

بينما ثمة رأي آخر يناقش في تلك الأدلة، وإن كان لا ينكر وجود عرف مستقر بهذا الصدد، إلا أنه يفند الدلالة اللغوية للنصوص السابقة، ومن أنصار هذا الرأي الخبير الدستوري أ.د.محمد المقاطع حيث يقول:

«يتناول شراح الدستور الكويتي هذا الشرط باعتباره من البديهيات المستخلصة من عموم النص، والعرف المستقر، وبالرغم من اتفاقنا الظاهري معهم، إلا أننا نعتقد بأن مفهوم الأسرة الحاكمة في شأن عبارة «الذرية» يثير تساؤلا مشروعا وهاما وهو: هل الذرية مقصورة على الذكور من تلك الذرية أم أنه يشمل الذكور والإناث؟ ورأينا أنها تشمل الاثنين معا، ونقول حتى في حالة من يقول بأن شرط الذكورة مطلوب فيمن يعين أميرا ووليا للعهد، فنرد على ذلك في بيان أن منطلق ومفهوم الذرية الوارد في القرآن الكريم، وفي أصول اللغة العربية يشمل في ثناياه الذكور والإناث، ومن ثم فإن قصر ذلك على الذكور دون الإناث فيه قصور في تطبيق مفهوم ومدلول النصوص الدستورية، ويضاف لذلك ما ورد في المادة (4) من الدستور، وكذلك المادة (6) من قانون توارث الإمارة بخصوص لفظ (ابنا) لا يعني بالضرورة التخصيص بالذكورة، ولكن يراد به الجنسين معا، وفي أدنى تقدير فإنه حتى لو تم ترجيح أن الذكورة شرط لتولي منصبي ولي العهد والأمير، أخذا بالاعتبار العرف المستقر، فإن السؤال الهام هنا: أليس من الممكن أن يكون مؤهلا لشغل هاذين المنصبين الرجال من أبناء الإناث من هذه الذرية؟ ألا يعتبر هؤلاء أيضا من ذرية مبارك نسبة إلى أمهاتهم؟ هذا رأي مقبول منطقيا وقابل للنقاش في تقديرنا باعتباره رأيا سديدا».

ت‌- حق المرأة بالانتخاب في الانتخابات النيابة والترشح لعضوية البرلمان وتقلد منصب الوزارة:

كانت المادة (1) من قانون الانتخاب تنص سابقا على اشتراط الذكورة في الناخب، حيث جرى سياقها كالتالي:

"لكل كويتي من الذكور بالغ من العمر 21 سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب".

وبعد صراع سياسي مرير دام سنوات طويلة، صدر القانون رقم (17) لسنة 2005 وأعاد للمرأة حقها بالاقتراع واختيار ممثليها في البرلمان، ولما كان يشترط في من يرشح نفسه لمنصب العضوية في البرلمان أن يكون مقيدا في جدول الناخبين وفقا لقانون الانتخاب، وبالتالي فيتوجب أن تتوافر فيه كافة شروط الناخب، فإن التعديل السابق فسح الطريق أيضا للمرأة كي ترشح نفسها لعضوية البرلمان.

وحيث يجب أن تتوافر فيمن يتقلد منصب الوزارة كافة الشروط التي يجب أن تتوافر في الناخب أيضا، فإن التعديل التشريعي المذكور فسح الطريق أيضا أمام المرأة لتولي الحقائب الوزارية، وبالفعل فقد تولت العديد من النسوة حقائب وزارية منذ ذلك الحين، كما فزن أخريات بعضوية البرلمان.




نائبات في البرلمان الكويتي


ث‌-  وقف استعمال حق الانتخاب بالنسبة إلى رجال الشرطة والقوات المسلحة:

يمكننا أن نتلمس تمييزا على أساس الجنس أيضا في المادة (3) من قانون الانتخاب والتي تنص على ما يلي:

«يوقف استعمال حق الانتخاب بالنسبة إلى رجال القوات المسلحة والشرطة».

حيث أن المفهوم من منطوق هذه المادة حرمان رجال القوات المسلحة والشرطة من حق الانتخاب، بينما لا يسعف ظاهر النص لحرمان النساء من هذا الحق إذا انتسبن إلى سلك القوات المسلحة والشرطة.

 

ثانيا: قانون الأحوال الشخصية

من أكثر القوانين التي نجد فيها تمييزا على أساس الجنس هو قانون الأحوال الشخصية سواء القانون السني رقم (51) لسنة 1984 أو القانون الجعفري رقم (124) لسنة 2019، وسنقتصر هاهنا على ذكر بعض الأمثلة فقط من القانون السني على سبيل الاستشهاد.

حيث ينص هذا القانون على وجوب أن يقوم الرجل بسداد المهر إلى المرأة (مادة 52) وأن له القوامة عليها (مادة 54) كما أن الصياغة والسياق اللغوي للتشريع تفترض أن الرجل هو من يهدي المرأة الهدايا أثناء فترة الخطوبة، رغم أن ذلك غير ملزم (مادة 5) كما نص القانون على أن عقد الزواج ينعقد بإيجاب من ولي الزوجة وقبول من الزوج أو ممن يقوم مقامهما وبالتالي فإن الإيجاب من ولي الزوجة وليس منها هي، والولي بطبيعة الحال رجل دائما (مادة 8) ويشترط أن يحضر الزواج شاهدان مسلمان عاقلان ويجب أن يكونا رجلين (مادة 11) كما أن القانون يفرق بين زواج المسلم من غير المسلمة فيجيز زواج الرجل المسلم بالكتابية لكنه لا يجيز زواج المرأة المسلمة بغير المسلم ولا ينعقد عقد الزواج إن خالفت ذلك (مادة 18) ويكون الزواج باطلا إذا كانت المرأة مسلمة والرجل غير مسلم، كما أجاز القانون للرجل أن يتزوج أربع زوجات ولم يجز للمرأة تعدد الأزواج (مادة 21) وفرق القانون بين عمر الزوج والزوجة الذي يجوز معه توثيق عقد الزواج أو المصادقة عليه، فيجب أن تتم الفتاة الخامسة عشرة من عمرها ويتم الفتى السابعة عشرة من العمر وقت التوثيق (مادة 26) ولم يجعل القانون الرأي للفتاة في زواجها إلا إذا كانت ثيبا أو بلغت الخامسة والعشرين من عمرها، ومع ذلك فهي لا تباشر العقد بنفسها بل إن ذلك لوليها (مادة 30) وحدد القانون من يكون وليا في زواج البكر التي بين البلوغ وتمام الخامسة والعشرين وهو العصبة بالنفس حسب ترتيب الإرث وإن لم توجد عصبة فالولاية للقاضي، وجعل نفس الحكم على الذكر المجنون والمعتوه (مادة 29) وغني عن البيان أن القاضي الذي تنتقل إليه الولاية في محكمة الأسرة لا يجوز من باب أولى أن يكون امرأة لأنها لا ولاية لها على نفسها في هذه المسائل فكيف تكون لها الولاية على الآخرين، وفي حال عضل ولي الفتاة أي إذا رفض تزويجها من رجل كفء تقدم لخطبتها بمهر المثل فإن ليس للفتاة أن تبرم عقد زواجها بنفسها بل يجب أن ترفع أمرها إلى القاضي الرجل ليأمر أو لا يأمر بالتزويج (المادة 31) وألزم القانون الرجل بسداد مبلغ مالي يسمى بالمتعة للمرأة عند تطليقها (مادة 64 و165) كما ألزم الرجل بكافة تكاليف جهاز منزل الزوجية (مادة 72) وألزمه بالإنفاق على زوجته وأبنائه حتى لو كانت المرأة موسرة (مادة 74) وألزم الزوجة بأن تسكن مع زوجها وتلتحق به (مادة 84) كما قرر المشرع فكرة نشوز الزوجة ووضع أساسا لدعوى بيت الطاعة (مادة 87) ونص على أن يرافق الزوجة محرم في حال سفرها لأداء فريضة الحج (مادة 91) ومنح الرجل فقط حق التطليق دون المرأة (مادة 97) كما منح ولي الزوجة الحق بطلب فسخ عقد زواج المولى عليها في حال إذا تبين أن الزوج غير كفء (مادة 38) وجعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في دعوى الطلاق للضرر (مادة 133) ومنح الزوج حق مراجعة مطلقته في حال الطلاق الرجعي لتعود إلى عصمته دون عقد جديد ولا مهر ودون اشتراط رضاها (مادة 149) وألزم المرأة بالعدة بعد الطلاق أو وفاة الزوج (مادة 155) وألزم الأم برضاعة ابنها إن لم يمكن تغذيته من غير لبنها (مادة 186) وجعل حق الحضانة للأم ثم لأمها ثم وفقا للترتيب الوارد في (المادة 189) وميز بين البنت والولد المحضون في سن انتهاء الحضانة (مادة 194) وألزم الأب الموسر بنفقة ابنه الفقير (مادة 202) كما نجد الكثير الكثير من القواعد القانونية الأخرى في مجال الأحوال الشخصية التي يختلف فيها الحكم باختلاف الجنس، ومنها كثير مما ورد في المواريث، حيث أن للذكر مثل حظ الأنثيين.

 

ثالثا: القانون المدني

نجد تمييزا على أساس الجنس في القانون المدني أيضا، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:

أ‌-    تعيين القيم على المحجور عليه:

نصت المادة (139) من القانون المدني على ما يلي:

"تراعي المحكمة في تنصيب القيم على المحجور عليه أن تعين الأرشد فالأرشد من أولاده الذكور، ثم أباه، ثم جده لأبيه، ثم من ترى فيه مصلحة المحجور عليه".

وبالتالي نلاحظ أن المشرع جعل الأولوية في تعيين القيم على الأب المحجور عليه لأولاده الذكور وليس لبناته، حتى لو كن أرشد من الذكور، وتجاوز المشرع البنات إلى أب المحجور عليه وجده، ثم من ترى فيه المحكمة المصلحة.

 

ب‌- الولاية على مال الصغير:

نصت المادة (110) من القانون المدني على ما يلي:

«ولاية مال الصغير لأبيه، ثم للوصي المختار من الأب، ثم للجد لأب، ثم للوصي الذي تعينه المحكمة ...الخ».

فنلاحظ أن المشرع جعل الولاية على مال الصغير بيد أبيه لا والدته، وذلك بغض النظر عمن يكون منهما أرشد أو أحرص على مصلحة الصغير وآمن على أمواله، بل إنه لم يذكر والدته ضمن سلسلة التدرج في الولاية.

 

رابعا: قانون الجزاء

يمكننا أن نشاهد تمييزا بالغا في قانون الجزاء على أساس الجنس، وذلك في العديد من قواعد هذا القانون، مثل تلك التي تتعلق بجريمة مواقعة الرجال وتخفيف عقوبة الرجل الذي يقتل المرأة الزانية إن كانت من محارمه، وتخفيف عقوبة الأم التي تقتل وليدها خشية العار، وجريمة التشبه بالجنس المغاير، وإعفاء الخاطف من عقوبة جريمة الخطف، وجريمة اغتصاب النساء بمختلف أشكالها، وخلو القانون من نص يجرم الاغتصاب إذا وقع بين الأزواج، وفيما يلي تفصيل ذلك:

أ‌-    جريمة مواقعة الرجال

نصت المادة (193) من قانون الجزاء على ما يلي:

«إذا واقع رجل رجلا آخر بلغ الحادية والعشرين وكان ذلك برضائه، عوقب كل منهما بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات».

وبملاحظة هذا النص، يمكننا أن نقرر بأن ليس هنالك جريمة مقابلة وعقوبة تعاقب بها النساء المثليات في حال ارتكاب ما يعرف في الشريعة الإسلامية بجريمة السحاق.

ب‌- تخفيف عقوبة قاتل زوجته إذا فاجأها بالزنا:

نصت المادة (153) من قانون الجزاء على ما يلي:

«من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا، أو فاجأ بنته أو أمه أو أخته حال تلبسها بمواقعة رجل لها، وقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو يواقعها أو قتلهما معا، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين».

ونلاحظ أن هذا النص قد خفف عقوبة الرجل من جناية القتل العمد التي يعاقب عليها بالحبس المؤبد أو الإعدام، إلى عقوبة جنحة، كما أن النص لا ينطبق على الزوجة التي تفاجئ زوجها بارتكاب جريمة الزنا، أو على الفتاة التي تفاجئ أخاها أو والدها أو والدتها بارتكاب جريمة الزنا أو المواقعة، كما نلاحظ أن النص أتاح للقاضي أن يكتفي بعقوبة الغرامة وهي عقوبة مخففة جدا بالنسبة لجريمة القتل العمد.

ت‌- تخفيف عقوبة قاتلة وليدها

نصت المادة (159) من قانون الجزاء على ما يلي:

«كل امرأة تعمدت قتل وليدها فور ولادته، دفعا للعار، تعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين».

ونلاحظ أن المشرع افترض أن العار يلحق بالمرأة لا الرجل جراء العلاقة الجنسية غير الشرعية، وهو افتراض نابع من ثقافة المجتمع الشرقية الذكورية وليس له أصل في الدين الإسلامي، ويخفف عقوبة جريمة القتل من الحبس المؤبد أو الإعدام إلى الحبس مدة لا تتجاوز خمسة سنوات أو الغرامة، وهو بهذا يهدر حق الوليد باعتباره إنسانا له شخصيته القانونية المستقلة، ومع ذلك فإن المشرع لم يخفف عقوبة المرأة إلى حد تخفيف عقوبة من فاجأ زوجته بارتكاب الزنا وهي الجريمة التي سلف ذكرها، رغم أن للقاضي أن يكتفي بالحكم بالغرامة هاهنا وهي العقوبة التافهة بالنسبة إلى جريمة القتل العمد لطفل بريء لا حول له ولا قوة، ولا يستفيد والد الطفل من هذا النص في حال إذا قام هو بقتل الوليد.

ث‌- جريمة التشبه بالجنس المغاير

نص قانون الجزاء الكويتي على أن «من .. تشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين»، ورغم أن هذا النص لم يفرق بين الأنثى التي تتشبه بالذكر أو الذكر الذي يتشبه بالأنثى، إلا أنه استغل أيما استغلال لانتهاك آدمية العابرين والعابرات جنسيا وذوي الميول المثلية وملاحقتهم قضائيا، وهو تمييز مختلط على أساس الهوية الجنسية والتوجه الجنسي.

ج‌- إعفاء الخاطف من عقوبة الخطف في حال زواجه بالمخطوفة:

نصت المادة (182) من قانون الجزاء على ما يلي:

«إذا تزوج الخاطف بمن خطفها زواجا شرعيا بإذن من وليها، وطلب الولي عدم عقاب الخاطف، لم يحكم عليه بعقوبة ما».

ونلاحظ أن المشرع افترض أن الخاطف ذكر والمخطوفة أنثى، وهو تعزيز لفكرة سطوة الرجل وسموه على المرأة، وجعل المشرع أمر المجني عليها المخطوفة بيد وليها، فإذا رضي الولي بزواجها من الخاطف، وطلب الولي – لا الفتاة – عدم معاقبة الخاطف، لم يحكم عليه بعقوبة ما، حتى لو كانت المجني عليها غير راضية بذلك، ولا يخفى أن الولي ذكر دائما فلا ولاية للمرأة.

ح‌- جريمة اغتصاب الرجل للمرأة بالإكراه أو التهديد أو الحيلة

نصت المادة 186 من قانون الجزاء على ما يلي:

«من واقع أنثى بغير رضاها سواء بالإكراه أو بالتهديد أو بالحيلة يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد، فإذا كان الجاني من أصول المجني عليها أو المتولين تربيتها أو رعايتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما عندها أو عند من تقدم ذكرهم كانت العقوبة الإعدام».

ونرى أن المشرع جعل الجاني في هذه الجريمة هو الذكر دائما بينما المجني عليها أنثى دائما، فلا ينطبق النص في حال ما لو أرغمت أنثى ذكرا على مواقعتها، وفي هذه الحالة تقع جريمة أخرى هي (هتك العرض) والمجرمة بحكم المادة (191) ويعاقب عليها بعقوبة أخف من جريمة اغتصاب النساء.

ويثور هاهنا تساؤل حول مدى انطباق نص المادة (186) من قانون الجزاء على اغتصاب الزوج لزوجته، وفي هذا يقول أستاذ القانون الجزائي بجامعة الكويت سابقا وعميد كلية القانون الكويتية العالمية أ.د.فيصل الكندري:

«تضفي الزوجية صفة الإباحة على المواقعة بين الزوجين ما دام الرضاء به متوافرا، غير أن المشكلة تثور إذا كان الرضاء غير متوافر من جانب الزوجة، يتجه الرأي إلى أن الجريمة لا تقع لأن عقد الزواج يجيز هذا النوع من العلاقات بين الزوجين، يشترط لذلك أن لا يقترن هذا الفعل بجريمة الضرب أو الجرح».

 

خ‌- جريمة مواقعة الرجل للمرأة مسلوبة الإرادة

نصت المادة (187) من قانون الجزاء على ما يلي:

«ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﺃﻧﺜﻰ ﺑﻐﻴﺮ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﺃﻭ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺣﻴﻠﺔ، ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔ ﺃﻭ ﻣﻌﺘﻮﻫﺔ ﺃﻭ ﺩﻭﻥ ﺍلخاﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻭ ﻣﻌﺪﻭﻣﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻷﻱ ﺳﺒﺐ ﺁﺧﺮ، ﺃﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ، ﺃﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺷﺮﻋﻴﺘﻪ، ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎلحبس المؤبد، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍلجاني ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ المجني ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍلمتولين ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﺃﻭ ممن ﻟﻬﻢ ﺳﻠﻄﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﺩﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺃﻭ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻡ ﺫﻛﺮﻫﻢ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ.»

ويلاحظ هاهنا أن المشرع خصص أيضا هذا الحكم بالذكور، فالجاني دائما ذكر والمجني عليها أنثى، وإن عكسنا الحال بحيث مكنت امرأة ذكرا من مواقعتها وكان الذكر مجنونا أو معتوها أو سنه دون الخامسة عشرة أو معدوم الإرادة لأي سبب آخر فلا تقع الجريمة المنصوص عليها في المادة (187) بل تقع جريمة (هتك العرض) والتي يعاقب عليها بعقوبة أخف.

د‌-   جريمة مواقعة الأنثى القاصر برضاها

نصت المادة (188) من قانون الجزاء على ما يلي:

«من واقع أنثى بغير إكراه أو تهديد أو حيلة وكانت تبلغ الخامسة عشرة ولا تبلغ الواحدة والعشرين من عمرها يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشر سنة».

ويلاحظ أن هذا النص أيضا يفترض أن الجاني ذكر والمجني عليها أنثى، ولا ينطبق إذا انعكس الحال، وتقع الجريمة حتى إن كان الجاني حدثا لم يبلغ سن المسئولية الجزائية الكاملة، كما تقع الجريمة حتى لو كانت المرأة المجني عليها أكبر سنا من الذكر الجاني، حيث تقع مثلا الجريمة إذا كان عمر المرأة عشرين سنة بينما عمر الذكر أربعة عشرة سنة فيعاقب الذكر دون الأنثى، ونلاحظ أن المشرع قد رفع سن الأنثى في المادة إلى سن الأهلية وفقا للقانون المدني وليس قانون الجزاء، لأن المسئولية الجزائية الكاملة تكون في سن الثامنة عشر، إلا أن المشرع رفع السن عن ذلك، وكأنها يرى أن المرأة لا تبلغ كمال الرشد بحيث تدرك طبيعة وخطورة الفعل المرتكب إلا في سن متأخرة، بينما يدرك الذكر ذلك حتى إن كان حدثا وغرا، وفي ذلك يقول أ.د.فيصل الكندري:

«لم يتبن المشرع التحديد القانوني لسن الرشد الجنائي عند 18 عاما المعمول به في صدد المسئولية الجزائية الكاملة للحدث، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الأمر يتطلب، في تقدير المشرع والذي هو محل نقد، سنا أكبر للأنثى لتعرف الأبعاد الاجتماعية والنفسية والجسمية للأفعال التي ترضى عنها في هذه الناحية وليس فقط معرفة الخطأ والصواب من الأفعال».

 

خامسا: قانون العمل في القطاع الأهلي

ينظم الفصل الرابع من قانون العمل في القطاع الأهلي عمل المرأة وعنوانه (تشغيل النساء)، وقد حظر تشغيل النساء بين الساعة العاشرة مساء والسابعة صباحا، وذلك كقاعدة عامة ترد عليها استثناءات، وألزم صاحب العمل بتوفير متطلبات الأمن للنساء مع توفير وسائل الانتقال من وإلى جهة العمل في حال تشغيلهن بين العاشرة مساء والسابعة صباحا، وحظر تشغيل المرأة في الأعمال الخطرة أو الشاقة أو الضارة بالصحة أو في الأعمال الضارة بالأخلاق أو في الجهات التي تقدم خدماتها للرجال فقط، ونص على استحقاق العاملة في حال الوضع والولادة إجازة مدفوعة الأجر مدتها سبعون يوما، وجواز منحها إجازة – بناء على طلبها – لمدة لا تزيد على أربعة أشهر، وحظر إنهاء خدمات المرأة أثناء إجازتها أو مرضها الثابت بشهادة طبية أثناء الحمل أو الوضع، وألزم صاحب العمل أن يمنح المرأة العاملة ساعتين لإرضاع صغيرها، وألزمه بإنشاء دور حضانة للأطفال الذين يقل سنهم عن أربع سنوات وذلك في المؤسسات التي يزيد عدد عاملاتها على خمسين عاملة أو يتجاوز عدد العاملين فيها مئتي عاملا، وأوجب مساواة المرأة العاملة بالرجل في تقاضي نفس الأجر دون تمييز بينهما.

ونصت المادة (77) من قانون العمل في القطاع الأهلي على حق المرأة المسلمة التي يتوفى زوجها في إجازة عدة بأجر كامل لمدة أربعة أشهر وعشر أيام من تاريخ الوفاة، على النحو الوارد في القانون، وتمنح المرأة العاملة غير المسلمة المتوفى عنها زوجها إجازة لمدة واحد وعشرين يوما مدفوعة الراتب، وهذه القاعدة تتضمن تمييزا على أساس الجنس والدين أيضا، ويرجع صداها إلى إلزام الفقه الإسلامي للمرأة بفترة العدة دون الرجل، وهي فترة استبراء الرحم التي لا يجوز خلالها لها الزواج.

وأخيرا نصت المادة (46) من قانون العمل على عدم جواز إنهاء خدمة العامل من دون مبرر وأكدت على عدم جواز إنهاء خدمة العامل بسبب الجنس.

نستشف من هذا التشريع أن المشرع ينطلق من نظرة تقليدية للمرأة بكونها كائنا ضعيفا مقارنة بالرجل، لذلك فهو يحظر تشغيلها ليلا، أو في أماكن لا تقدم الخدمات إلا للرجال، وفي حال تشغيلها ليلا يلزم جهة العمل بتوفير متطلبات الأمن، كذلك فإن منح المشرع للمرأة بعض الحقوق التي تتعلق بتكوينها من حيث الحمل والرضاعة – وبغض النظر عن الرأي فيه – يثير تمييزا على أرض الواقع بإعراض أصحاب الأعمال عن تشغيل المرأة بسبب المزايا الإضافية التي منحها إياها القانون، ولم يعالج المشرع مشكلة التمييز في الأجر بين المرأة والرجل بشكل حاسم، إذ من الصعب تحديد الأجور في سوق حرة نسبيا بشكل صارم، ورغم تأكيد المشرع على عدم جواز التمييز بين الذكور والإناث في الأجور دون مسوغ، إلا أن من السهل التحايل عمليا على هذا الحكم القانوني، أخيرا فإن إلزام صاحب العمل بإنشاء دور الحضانة للأطفال وربط ذلك بعدد العاملات ينطلق من رؤية بأن رعاية الأطفال وتربيتهم هو واجب المرأة دون الرجل أو أنه واجب على المرأة بالدرجة الأولى وعلى الرجل ثانيا، وهي منطلقات ذكورية بشكل عام.

 

سادسا: قانون ونظام الخدمة المدنية

بينما ينظم قانون العمل في القطاع الأهلي شئون العاملين في القطاع الخاص، ينظم قانون ونظام الخدمة المدنية شئون الموظفين العموميين العاملين في الوزارات وأغلب الجهات الحكومية، وقد وردت بعض الأحكام التي تتضمن تمييزا على أساس الجنس، ومنها على سبيل المثال وعلى وجه الاختصار ما ورد في نظام الخدمة المدنية من منح الموظفة إجازة خاصة بمرتب كامل لا تحسب من إجازاتها الأخرى لمدة شهرين للوضع بشرط أن يتم الوضع خلالها (المادة 47 نظام الخدمة المدنية) وجواز منح الموظفة المسلمة التي يتوفى زوجها إجازة خاصة بمرتب كامل لمدة أربعة أشهر وعشر أيام من تاريخ الوفاة (المادة 48 من نظام الخدمة المدنية).

 

سابعا: قانون الجنسية

نصت المادة (2) من قانون الجنسية الكويتي على أن من يولد لأب كويتي يعتبر كويتيا بصفة أصلية، وهكذا فإن من يولد لأم كويتية وأب غير كويتي لا يكتسب الجنسية الكويتية بقوة القانون، وأجازت المادة (3) من القانون أن يمنح من ولد من أم كويتية وكان مجهول الأب أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا الجنسية الكويتية، إلا أن ذلك ليس إلزاميا على السلطة التنفيذية، كما أجازت معاملة القصر في هذه الحالة معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد وذلك بقرار من وزير الداخلية، إلا أنه أيضا حكم غير ملزم له.

ونصت المادة (8) من القانون على أن المرأة الأجنبية التي تتزوج من رجل كويتي الجنسية تصبح كويتية إلا إذا أعلنت رغبتها في الاحتفاظ بجنسيتها الأصلية في خلال سنة من تاريخ الزواج، ولم يمنح المشرع نفس الامتياز للمرأة الكويتية التي تتزوج رجلا غير كويتي.

 

ثامنا: قانون الخدمة الوطنية العسكرية

رغم أن المادة (47) من دستور الكويت لم تميز بين الذكور والإناث في أداء الخدمة العسكرية حيث نصت على ما يلي: «الدفاع عن الوطن واجب مقدس، وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين، ينظمه القانون».

إلا أن القانون رقم (20) لسنة 2015 بشأن الخدمة الوطنية العسكرية في المادة (1) منه عرف (الخدمة الوطنية العسكرية) بأنها: «الخدمة الواجبة على كل كويتي من الذكور أتم الثامنة عشر من عمره عند العمل بهذا القانون، ..الخ» فأقصى النساء من ذلك.

 

تاسعا: قانون نظام قوة الشرطة

كرر القانون رقم (23) لسنة 1968 بشأن نظام قوة الشرطة عبارة (رجال الشرطة)، وبالتالي فقد كانت صياغة المشرع لهذا القانون تفترض عدم انخراط النساء في قوة الشرطة، وفي عام 2009 تخرجت أول دفعة من الشرطة النسائية دون وجود بنية تشريعية تستوعب وجودهن، فصدر المرسوم رقم (221) لسنة 2001 بشأن إنشاء هيئة مساندة في وزارة الداخلية، ونصت المادة (1) منه على ما يلي:

"تنشأ بوزارة الداخلية هيئة تشكل من النساء تتولى مساندة أعضاء قوة الشرطة في أداء واجباتهم وأعمالهم في حدود القانون، وفقا للاختصاصات وفي المجالات التي يحددها قرار وزير الداخلية".

ويلاحظ الحرج والتردد في اعتبار النساء ضمن قوة الشرطة حيث نظم المرسوم المذكور أعلاه مسمياتهن الوظيفية وأدوارهن دون اعتبارهن منها، وبشكل مغاير للرجال من قوة الشرطة، ثم صدر قرار مجلس الوزراء رقم (109) لسنة 2002 بشأن الهيئة المساندة في وزارة الداخلية ونص في المادة (1) منه على ما يلي:

«يعتبر أفراد الهيئة المساندة في وزارة الداخلية المنشأة بموجب المرسوم رقم (221) لسنة 2001 المشار إليه من قوة الشرطة».

إلا أن هذا القرار تشوبه شبهة عدم مشروعية لمخالفته لنص القانون الذي عبر عن قوة الشرطة بالرجال، لذلك صدر القانون رقم (31) لسنة 2016 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (23) لسنة 1968 بشأن نظام قوة الشرطة، والذي نص في المادة (3) منه على ما يلي:

«تستبدل عبارتا: (عضو قوة الشرطة أو أعضاء قوة الشرطة) بعبارات: (رجل قوة الشرطة ورجال قوة الشرطة ورجل الشرطة ورجال الشرطة) أينما وردت في القانون رقم (23) لسنة 1968 المشار إليه».

 



عاشرا: قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

صدر القانون رقم (8) لسنة 2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد تضمنت المادتان (41) و(42) منه تمييزا على أساس الجنس، وفيما يلي نصهما:

مادة (41): «استثناء من أحكام قانون التأمينات الاجتماعية وقانون معاشات العسكريين يستحق المؤمن عليه أو المستفيد الذي تقرر اللجنة الفنية المختصة أنه معاق معاشا تقاعديا يعادل 100% من المرتب إذا بلغت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش 15 سنة للذكور و10 سنوات بالنسبة للإناث، ولا يشترط للحصول على المعاش في هذه الحالة بلوغ سن معينة».

مادة (42): «استثناء من أحكام قانون التأمينات الاجتماعية وقانون معاشات العسكريين يستحق المؤمن عليه أو المستفيد المكلف قانونا برعاية معاق ذي إعاقة متوسطة أو شديدة معاشا تقاعديا يعادل 100% من المرتب إذا بلغت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش 20 سنة للذكور و15 سنة للإناث، ولا يشترط للحصول على المعاش في هذه الحالة بلوغ سن معينة ...الخ».

 

الحادي عشر: قانون جوازات السفر

تضمن القانون رقم (11) لسنة 1962 بشأن جوازات السفر العديد من المواد التي تضمنت تمييزا فاحشا على أساس الجنس، فقد نصت المادة (6) منه على منح جوازات السفر الدبلوماسية إلى العديد من الفئات، ونصت الفقرة (ط) منها على منح تلك الجوازات لزوجات تلك الفئات، ولكن في حال أحد ما إذا كان أفراد تلك الفئات امرأة فإن زوجها لا يمنح جوازا دبلوماسي، وفيما يلي نص الفقرة (ط) من المادة (6):

"تمنح جوازات السفر الدبلوماسية إلى: ..... (ط) الزوجات والأولاد القصر والبنات غير المتزوجات لأفراد الفئات الواردة في البنود الخمسة الأولى من هذه المادة وذلك في حالة سفرهم بمفردهم".

ويكرر المشرع نفس التمييز في المواد (7) و(8) من القانون بشأن جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة، على مختلف حالات منحها، وقد فوجئت عضو المجلس البلدي مها البغلي رفض وزارة الداخلية منح زوجها وأولادها جواز سفر خاص، فاحتجت على ذلك ورفضت استلام جوازها الخاص لما تضمنه هذا القانون من تمييز على أساس الجنس.

 


ورغم أن السلطة التنفيذي قامت بإصدار جوازات سفر خاصة لزوج مها البغلي وأولادها إلا أن القانون لا زال يتضمن تمييزا ولم يتم تعديله.


 

ومن مواد قانون جوازات السفر التي تضمنت تمييزا أيضا المواد التالية:

المادة 14 والتي نصت على:

"يجوز أن يشمل جواز السفر عند إصداره زوجة حامل الجواز وأولاده دون الثامنة عشرة إذا كانوا مرافقين له في سفره. وكذلك تجوز إضافة إسم الزوجة والأولاد دون الثامنة عشرة على الجواز بعد إصداره بناء على طلب حامله".

والمادة 15 والتي نصت على:

"لا يجوز منح الزوجة جواز سفر مستقل إلا بموافقة الزوج، ولا يمنح ناقصو الأهلية جوازت سفر مستقلة إلا بموافقة ممثليهم القانونيين". وقد حكمت المحكمة الدستورية لاحقا ببطلانها كما سيأتي بيانه.

والمادة (17) والتي نصت على:

"...  يجوز منح غير الكويتية المتزوجة من كويتي، جواز سفر متى طلب الزوج ذلك، على أن يكون قد مضى خمس سنوات على زواجها منه وعدم إدانتها في جريمة مخلة بأمن البلاد أو بالشرف ويتم منح الجواز في هذه الحالة، طبقا للشروط التي يحددها وزير الداخلية".

 

خاتمة: التمييز على أساس الجنس في الأحكام القضائية

هذا التقرير لا يحصر كافة مواطن التمييز على أساس الجنس في التشريعات والقرارات التنظيمية الكويتية، وإنما تطرق إلى بعض أبرز تلك النصوص، وبقي الكثير مما يجب تقصيه تمهيدا لتعديله وفق فلسفة تشريعية عادلة تخلو من أوجه التمييز غير المبرر.

ولئن كان القانون في فضائه النظري يتمثل في النصوص التشريعية والقرارات التنظيمية، فهو في فضائه العملي يتمثل ويتجسد في الأحكام القضائية، سواء منها تلك الصادرة من المحكمة الدستورية أو المحاكم العادية، واستقراء جميع أو أغلب تلك الأحكام هو جهد مضن لا ينهض به إلا كاتب أطروحة دكتوراه، إلا أننا سنشير هاهنا إلى بعض الأمثلة في ختام هذا التقرير:

-      قضت المحكمة بعدم دستورية النص الوارد بالقواعد الخاصة بإسكان أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية المطبقة بموجب قرار مجلس الخدمة المدنية رقم (5) لسنة 2002 وذلك فيما تضمنه هذا النص من عدم جواز تخصيص سكن حكومي أو منح بدل سكن للإناث إلا إذا كن متزوجات، حيث كان القرار يميز بين المرأة العزباء والرجل الأعزب فيحرمها من منح بدل السكن بينما يمنحه للرجل الأعزب، فقررت المحكمة الدستورية أن ذلك يخالف مبدأ المساواة ويتضمن «تمييز تحكمي منهي عنه على أساس من الجنس تتنافر به المراكز القانونية المتماثلة والمتحدة خصائصها».

-      كذلك قضت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (15) من القانون رقم 11 لسنة 1962 بشأن جوازات السفر المعدل بالقانون رقم (105) لسنة 1994، والتي تنص على أن: «لا يجوز منح الزوجة جواز سفر مستقل إلا بموافقة الزوج»، حيث رأت المحكمة أنه يتنافى مع العديد من المبادئ والنصوص الدستورية مثل الحرية الشخصية وحق الفرد في التنقل ومبدأ المساواة.

-      كما أن هنالك أحكاما قضائية مثيرة للاهتمام صدرت عن القضاء العادي مثل إلغاء قرار جامعة الكويت بوضع شروط قبول الطالبات والطلاب خريجي المرحلة الثانوية، والذي اشترط حصول الطالبات على نسبة أعلى من الطلاب لكي يقبلن في نفس الكلية، وذلك بهدف زيادة عدد الذكور المقبول وتقليل أعداد الإناث.

 

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكم التصوير في القانون الكويتي – بقلم علي العريان

هل يجوز الحجز على بيتك؟

العواقب القانونية للإلحاد والردة .. بقلم المحامي علي العريان